موضوع: رنّات الهواتف في المساجد بين الخطأ والعمد 2007-07-23, 6:15 am
في زاوية من حياتنا، يخبرُ الهاتف النقال عن سلوكاتنا ويصف آداب بعضنا؛ وبعض الصفات لو تأملناها لودّ صاحبها لو أن الأرض انشقت وابتلعته خيرا من أن يحدث له ذلك·· ففي مساجدنا وفي أثناء صلواتنا حوادث يندى لها جبين الحليم، حيث ترتفع نغمات الموسيقى وفي بضع الأحيان أغاني الفجور في لحظات مناجاة رب العالمين؛ مذهبة خشوع ومشوّشة لصلاة من أزعجنا، لا تكاد تسلم صلاة من رنات عديدة حتى في صلاة الفجر· فهل من تفسير لهذه الحوادث؟ وهل هذه الحوادث المتكررة صادرة عن خطأ ونسيان وسهو وهي عوارض سماوية لا سلطان للمرء في وقوعها أو دفعها؟ أم إنها حوادث ناجمة عن تعمّد وترصّد وسبق إصرار؟ لقد جاءت هذه الأسطر لتوقظ ضمير المسلم المؤمن لعله ينتبه لما يقع في إساءة لإخوانه وإزعاج لهم، وحتى يكف عن أذيتهم وهم في أعز شغل وأفضل عمل، ألا وهي الصلاة قرة عين النبي والمؤمنين، وهي تذكير لمن تنفعه الذكرى· إن المصلين في المساجد لهم اعتبار ووزن وكرامة، فهم ضيوف الرحمان، ولهم حق في التشجيع على الخشوع في ذلك المكان الذي أعدّ لإقامة الشعائر الإيمانية، لذلك جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: ''إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضهم على بعض بالقرآن'' رواه مالك في الموطأ· فإذا كان هذا حكم الجهر بالقرآن في المساجد بحضرة المصلين فماذا يقال في رنات الهاتف فيه؟ إن هذا السلوك يوهم أن ليس للمصلين قدر ولا وزن ولا حتى حق الاحترام في حضرة ذي الجلال والإكرام عند أصحاب الرنات· وإن من انفجر هاتفه في أثناء الصلاة يذيع ما هو أشد من الرنات، حيث يكون مبرمجا على الرنين بأغاني الفجور، لا شك أن صلاته لم تبلغ به إلى درجة أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر حتى في صلاته· قال تعالى: ''إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر''· كما أنه لم يعظم الله حق تعظيمه ولم يجله حق إجلاله، فبدل ذكره في الصلاة بما في كتابه يذكره بما في هاتفه· كما يدل على أنه تعدى على بيت الله فلم يكلف نفسه استحضار هيبة المسجد ولم يعطه حتى القليل من الالتزام اللائق به· فهل يتصرف صاحب هذا السلوك في حضرة مديره بهذا التصرف أم إنه يعدّل هاتفه قبل دخوله للاجتماع به ولقائه؟ ولقد علقت بعض المؤسسات لافتات تذكّر بعدم استعمال الهاتف داخلها، فما كان من الداخلين إليها إلا أن ينسجموا مع هذا الإلزام بضبط هواتفهم على الصامت أو إقفاله، حيث لا يسمح بالرد مهما كان، وكل من لم يلتزم يطرد ـ بكل ما تحمله هذه الكلمة من معني ـ من قاعات تلك المؤسسة·· فمتى يدرك المصلي قدر مسجده وصلاته؟ وإن ادعى أحد أن النسيان أحد أسباب هذه الحوادث، فإن حجته هذه مردودة عليه، إذ إن المساجد لا تعدم تلك اللافتات الكثيرة والإشارات المنبهة التي تذكره بتوقيف هاتفه، لكن هذا لم ينفع مع أصحاب الرنات، فهل يوصفون بأنهم من النوع الذي لا يفهم بالإشارة؟ وإنه لا عذر لمن رن هاتفه داخل المسجد وإن كان للنسيان تأثير، فلماذا لا ينسى كل من ركب سيارته أن يضع حزام التثبيت على المقعد؟ إنه يخشى التغريم طبعا، فلماذا ينسى هاتفه وهو مقبل على الواحد القهار يرجو رحمته وثوابه؟ ولماذا لا يتعظ بنفسه وبغيره؟ فكم مرة رن الهاتف في أثناء الصلاة الواحدة فيفضح صاحبه ويحرجه ويذهب من وقاره في صلاته، ثم يتكرر الفعل مع غيره، ومايزال الناس لم ينتبهوا بعد· ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم عن المؤمن: ''لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين'' رواه البخاري· فأين صفات المؤمن وأخلاقه مع الله ومع المساجد ومع المؤمنين· فالله المستعان، وعليه التكلان لأن تنفع هذه الكلمات في كف تلك النغمات.
essamsaadavocat عضو جديد
عدد الرسائل : 20 تاريخ التسجيل : 19/07/2007
موضوع: رد: رنّات الهواتف في المساجد بين الخطأ والعمد 2007-07-26, 6:28 pm